في عام 1993، بدأت شركة صغيرة في وادي السيليكون تُدعى NVIDIA، بفريق طموح يسعى لتطوير معالجات رسومية للألعاب. اليوم، تُعد إنفيديا واحدة من أغلى شركات التكنولوجيا في العالم، وأحد أبرز الفاعلين في ثورة الذكاء الاصطناعي… لكن الأكثر إدهاشًا؟ أن 78% من موظفيها أصبحوا مليونيرات.
فما الذي حدث بالضبط؟ وكيف يمكن لشركة تكنولوجية أن تصنع هذا الكم من الثروة الفردية داخل جدرانها؟ إليك القصة الكاملة.
1. ثقافة تملّك الأسهم: كيف تبدأ الثروة؟
منذ البداية، آمنت إنفيديا أن من يساهم في بناء الشركة يجب أن يملك جزءًا منها. لذلك، اعتمدت على نظام “Stock Options” أي منح الموظفين أسهمًا يمكنهم الاحتفاظ بها أو بيعها لاحقًا عند ارتفاع القيمة السوقية.
ومع انفجار قيمة السهم في السنوات الأخيرة — خصوصًا بعد تصدّرها مشهد الذكاء الاصطناعي — تضاعفت ثروات الموظفين. ففي عام 2024، قفزت القيمة السوقية لإنفيديا إلى أكثر من 3 تريليونات دولار، ما جعل الشركة الثالثة عالميًا بعد Apple وMicrosoft.
2. ذكاء تقني + رؤية استراتيجية
التحوّل الرئيسي بدأ عندما أعادت إنفيديا تعريف معالجات الرسومات (GPUs) ليس فقط كأدوات للألعاب، بل كبنية أساسية لمعالجة بيانات الذكاء الاصطناعي.
تحوّلت الـGPU إلى المحرك الأساسي لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، من روبوتات المحادثة إلى السيارات ذاتية القيادة. وهنا كان السر:
- استثمار طويل الأجل في البحث والتطوير
- تحالفات استراتيجية مع OpenAI، Tesla، Amazon، وغيرها
- الاستحواذ على شركات ناشئة داعمة للمجال (مثل Mellanox)
3. لمَ هذا العدد من المليونيرات؟
ببساطة، لأن إنفيديا تبنّت عقلية “النجاح جماعي”.
كل موظف يحصل على أسهم منذ لحظة انضمامه. وعندما ارتفعت أسهم الشركة من أقل من 5 دولارات في 2015 إلى أكثر من 130 دولارًا (قبل التجزئة)، ارتفعت معها أرصدة الآلاف من الموظفين، خصوصًا من انضموا مبكرًا.
حتى الموظفين المبتدئين وجدوا أنفسهم يمتلكون أسهمًا بعشرات، وأحيانًا مئات الآلاف من الدولارات.
4. التأثير العالمي: أكثر من مجرد أرقام
نجاح إنفيديا لم يقتصر على وول ستريت. بل غيّرت قواعد اللعبة في التعليم، الصناعة، وحتى الأمن السيبراني.
وهي اليوم، شريك أساسي في كل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي — من مختبرات البحوث إلى مراكز البيانات الحكومية.
5. ماذا نتعلّم من نموذج إنفيديا؟
- الاستثمار في الناس يصنع المعجزات: عندما يشعر الموظف أنه “شريك” في النجاح، فإن التزامه يتحوّل إلى ولاء، وإنتاجيته تتضاعف.
- التكنولوجيا وحدها لا تكفي: لا بد من رؤية استراتيجية تربط التطوير التقني بالأولويات المستقبلية.
- التوقيت مهم: اقتحام سوق الذكاء الاصطناعي قبل موجته الكبرى منح إنفيديا الأفضلية.
هل يصبح الحلم ممكنًا في عالمنا العربي؟
تجربة إنفيديا تطرح سؤالًا مهمًا في منطقتنا: هل يمكننا خلق بيئات تكنولوجية تجعل الشباب شركاء حقيقيين في النجاح؟
ربما لم نصل هناك بعد، لكن الطريق يبدأ بتوطين التكنولوجيا، وتشجيع الابتكار، وبناء شركات تؤمن بالتمكين مثلما فعلت إنفيديا.