أعلنت شركة سبيس 42 عن إطلاق أول سحابة تنقل سيادية في دولة الإمارات، في خطوة استراتيجية تهدف إلى دعم مستقبل النقل الذكي وترسيخ سيادة الدولة على بياناتها. تعتمد المبادرة على سحابة Core42 السيادية وتقنيات مايكروسوفت أزور، مما يوفر بنية تحتية متكاملة تسهم في تعزيز الابتكار ونشر الأنظمة ذاتية القيادة داخل الدولة.
تأتي هذه الخطوة في ظل سعي الإمارات لإرساء نموذج متقدم للسيادة الرقمية، وضمان أن البيانات المتعلقة بالتنقل الذكي تعالج وتستضاف داخل حدود الدولة وبما يتوافق مع التشريعات الوطنية. وتمثل المبادرة ركيزة مهمة ضمن منظومة التحول الرقمي الواسعة التي تعمل عليها الإمارات في عدة قطاعات.
ما هي سحابة التنقل السيادية في الإمارات؟
تشير سحابة التنقل السيادية في الإمارات إلى منصة وطنية متخصصة تُعنى بإدارة وتخزين البيانات المتعلقة بالتنقل الذكي، والمركبات ذاتية القيادة، والخرائط عالية الدقة، والأنظمة المتقدمة لإدارة الأساطيل. تتميز هذه السحابة بأنها تستضيف جميع بياناتها داخل الدولة، وتلتزم بالإطار التشريعي الإماراتي بدقة، مما يعزز مفهوم السيادة الرقمية الذي تبنته الدولة مؤخرًا في عدد من القطاعات الحساسة.
تهدف هذه السحابة إلى توفير بيئة آمنة وموثوقة للجهات الحكومية والخاصة والأكاديمية، مما يسمح لهم بالاعتماد على بنية تحتية محلية بالكامل، تدعم الابتكار وتوفر مسارًا واضحًا لتطوير تقنيات النقل الذكي والخدمات المرتبطة به. وتمثل هذه البيئة عنصرًا أساسيًا في دعم انتشار المركبات ذاتية القيادة، التي تعتمد بدرجة هائلة على البيانات السحابية الضخمة.
لماذا تُعد الإمارات رائدة في السحابة السيادية؟
تمتلك الإمارات رؤية واضحة تقوم على تعزيز استقلالها الرقمي، وتقليل الاعتماد على البنى التحتية الخارجية. وقد شهدت السنوات الماضية تركيزًا كبيرًا على بناء سحابات سيادية محلية تمكّن الدولة من السيطرة الكاملة على بياناتها ومعالجتها داخل حدودها، مع ضمان توافقها مع معايير الأمن الوطني. ويأتي قطاع التنقل الذكي في مقدمة القطاعات التي تتطلب هذا النوع من الاستقلال التقني، نظرًا لحساسية البيانات التي تنتجها المركبات ذاتية القيادة والبنية التحتية الذكية.
عملت الدولة خلال السنوات الأخيرة على دعم الابتكار في تقنيات المدن الذكية، والاستشعار عن بُعد، والذكاء الاصطناعي، مما جعلها في طليعة الدول التي تستثمر في أنظمة النقل المتقدمة. وتُعد سحابة التنقل السيادية أحدث خطوة ضمن سلسلة من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز هذا القطاع الحيوي.
التعاون بين Space42 وCore42 ومايكروسوفت
جاء تطوير هذه السحابة نتيجة تعاون استراتيجي بين ثلاث جهات رئيسية. تعتمد سبيس 42 على خبراتها الواسعة في تقنيات الذكاء الجيومكاني والخرائط عالية الدقة، بينما توفر Core42 البنية السحابية السيادية التي تضمن بقاء البيانات داخل الدولة. وتقدم مايكروسوفت عبر منصة أزور إطارًا تقنيًا متقدمًا يسمح بتشغيل هذه السحابة بكفاءة وأمان، ولكن ضمن بيئة سيادية بالكامل.
يمثل هذا التعاون نموذجًا ناجحًا يجمع بين المعرفة المحلية والقدرات العالمية، مع الحفاظ على خصوصية البيانات الإماراتية وسيادتها.
ميزات سحابة التنقل السيادية في الإمارات
تتميز السحابة الجديدة بقدرتها على توفير بيئة آمنة للبيانات المتعلقة بالأنظمة ذاتية القيادة. فهي تضمن بقاء البيانات داخل الدولة، وهو ما يُعد أحد أهم عناصر الامتثال الوطني. كما توفر السحابة أساسًا متينًا للابتكار في مجال النقل الذكي، حيث تسمح بتطوير حلول شاملة تشمل الخرائط الدقيقة، وإدارة الأساطيل، والاتصالات المستمرة بين المركبات والطرق، بالإضافة إلى التوائم الرقمية التي تقدم محاكاة واقعية للمدن والطرق.
تتمتع السحابة بدرجة عالية من الاعتمادية، بفضل دعم Core42 التي توفّر بنية تحتية مؤمنة ومتوافقة مع أعلى معايير الحوكمة، إضافة إلى مرونة تقنيات مايكروسوفت أزور التي تُعد من أقوى منصات الحوسبة السحابية عالميًا.
تصريحات رسمية تؤكد أهمية المشروع
أكد فان زهو، نائب الرئيس الأول للتنقل الذاتي في سبيس 42، أن الإمارات دائمًا ما كانت سبّاقة في تبني التقنيات المستقبلية، وأن إطلاق أول سحابة تنقل سيادية يعكس التزام الدولة بإرساء معايير عالمية جديدة في مجال الأنظمة ذاتية القيادة. ووضح أن هذه المنصة ستوفر أساسًا يعتمد عليه المطورون والمؤسسات لبناء حلول تنقل مبتكرة وأكثر أمانًا.
كما شدد شريف توفيق من مايكروسوفت على أن منصة أزور توفر بنية آمنة وموثوقة للسحابة السيادية، وأن التعاون المشترك مع G42 مكّن من الجمع بين أعلى معايير توطين البيانات وأدوات التحكم السيادية، مما يضمن بنية تُعنى بالأمان والثقة بدرجة عالية جدًا.
تأثير السحابة السيادية على مستقبل النقل في الإمارات
يمتد تأثير هذه السحابة إلى عدد كبير من المجالات المتعلقة بالنقل الذكي. فهي تسهم في تسريع اختبارات المركبات ذاتية القيادة التي تحتاج إلى بيئة بيانات آمنة ودقيقة. وتدعم تقنيات الخرائط عالية الدقة التي تُعد عنصرًا أساسيًا لتوجيه المركبات بشكل دقيق داخل المدن. كما تمثل أساسًا لتطوير منصات الاتصالات بين المركبات والطرق، وهو أمر ضروري لنجاح منظومة النقل الذكي.
تفتح السحابة أيضًا المجال لإدارة أساطيل المركبات بمستوى غير مسبوق من الدقة، سواء كانت مركبات تجارية أو ذاتية القيادة. وتتيح التوائم الرقمية محاكاة حركة المرور والوقائع بشكل كامل، مما يساعد الجهات المختصة على اتخاذ قرارات أفضل.
خطط التطوير المستقبلية
أعلنت الشركة أن المبادرة ستتضمن مراحل تطوير مستقبلية تشمل مشاريع تجريبية مرجعية، وصناديق اختبار تنظيمية، بالإضافة إلى مراكز اختبار متقدمة بالتعاون مع هيئات النقل الدولية. تهدف هذه المراحل إلى تعزيز الابتكار وتوفير مساحات اختبار واقعية للحلول الجديدة، بحيث يمكن تطويرها ونشرها بثقة ضمن بيئة آمنة ومراقبة.
ترابط المبادرة مع المشاريع الوطنية الكبرى
ترتبط سحابة التنقل السيادية بالعديد من المبادرات الوطنية الأخرى التي تعمل عليها الدولة. فهي جزء من منظومة المدن الذكية التي تعتمد على البيانات وتحتاج إلى حلول مرنة لتخزينها وتحليلها. كما تتقاطع مع مشاريع الذكاء الجيومكاني التي تطوّرها سبيس 42، إضافة إلى مبادرات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي.
ويأتي هذا المشروع بعد تعاون سابق بين سبيس 42 ومايكروسوفت، شمل إطلاق مبادرة خريطة إفريقيا وإتاحة منصة الذكاء الجيومكاني على متجر أزور.
سبيس 42: شركة تتوسع بثبات
منذ تأسيسها عام 2024، تُعد سبيس 42 من الشركات السريعة النمو في مجال تقنيات الفضاء والخرائط والتحليل المكاني. واستطاعت خلال فترة قصيرة أن تصبح لاعبًا مؤثرًا في قطاع النقل الذكي عبر ابتكاراتها المتقدمة. ويعزز إطلاق سحابة التنقل السيادية من حضور الشركة داخل السوق الإماراتي والعالمي، خصوصًا في القطاعات التي تتطلب قدرات عالية في البيانات والتحليل.
يمثل إطلاق سحابة التنقل السيادية في الإمارات نقلة نوعية في مسيرة الدولة نحو الاستقلال الرقمي وبناء منظومة نقل ذكية وآمنة. ومع استمرار التعاون بين سبيس 42 وشركات تقنية عالمية مثل مايكروسوفت، فإن مستقبل النقل في الإمارات يتجه نحو مستوى جديد من الابتكار الذي يوازن بين الأمان والكفاءة والتطور.
إنّ توجه الإمارات نحو سحابات سيادية وحلول نقل وطنية يفتح الباب أمام جيل جديد من الابتكار المحلي. وإذا كنت جزءًا من مؤسسة، جهة حكومية، أو شركة تقنية تتطلع للمساهمة في بناء مستقبل يعتمد على التقنيات الوطنية ويعزز السيادة الرقمية، فهذه هي اللحظة المثالية للانضمام.
إن إطلاق سحابة التنقل السيادية في الإمارات ليس مجرد مشروع تقني؛ بل هو دليل واضح على أن مستقبلنا الرقمي يمكن — بل يجب — أن يُبنى بأيدٍ عربية، وبأدوات محلية تحترم هويتنا وتحمي بياناتنا.
في توطين تك نؤمن أن المبادرات التي تعتمد على بنى تحتية وطنية وتمتثل لقوانيننا تمثل الخطوة الأولى نحو استقلال القرار التقني، ونحو عالم لا تُدار فيه بياناتنا خارج حدودنا ولا تتحكم فيه منصات أجنبية في وعي مستخدمينا.
إذا كنت تؤمن أن السيادة الرقمية ليست رفاهية، وأن بناء حلول عربية مستقلة هو الطريق إلى تمكين مجتمعاتنا…
انضم إلى توطين التكنولوجيا. شاركنا رحلتنا في نشر الوعي، وصناعة المحتوى، ودعم كل مبادرة عربية تسعى لامتلاك أدواتها الرقمية.
كن جزءًا من جيل لا يكتفي بالاستخدام… بل يبني ويصنع ويُقرر.
المستقبل الرقمي العربي لن يُستورد، سنبنيه معًا.
